جواد سليم (1919–1961)، واسمه الكامل جواد محمد سليم علي عبدالقادر الخالدي. كانَ رسامًا ونحاتًا عِراقيًا. يُعتبر من أكثر النَحاتين تأثيرًا في تاريخ العِراق الحَديث. أصبحَ فنانًا مَعروفًا من خِلال المُشاركة في تأسيس مجموعة بَغداد للفن الحديث، مَجموعة فَنية شَجعت على استِكشاف تقنيات تَجمع بينَ التُراث العَربي والفَن الحديث.
أسرته
ولد جَواد مُحمد سَليم عبدُ القادِر الخالِدي في أنقرة لأبوين عِراقيين منَ الموصل، ونَشأ في عائلة فَنية اِشتُهرت بالرسم. كان والده الحاج سليم ضابِطًا عسكريًا مُتمركِزًا في أنقرة وقت ولادة جَواد، لكنه عاد إلى بَغداد في عشرينيات القِرن الماضي. كان والدُه فنانًا، وكانَت والدَتُه فنانة تطريزة ماهِرة، وأصبح أخوته سُعاد ونَزار ونزيهة كلهُم فَنانين تشكيليين. كان جَواد مُنذ طفولته يصنع من الطين تماثيل تحاكي لعب الأطفال، ولقد أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد.
سيرته
نالَ وهوَ بعُمر 11 عامًا الجائزة الفضية في النَحت في أول مَعرض للفنون في بغداد سنة 1931. وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درسَ النَحت في باريس بين 1938-1939، توقفت دراسته بسبب اندلاع الحرب. انتقل إلى روما بين 1939-1940، ولكن مرة أخرى توقفت دراسته بسبب الحرب، مما أجبره على العَودة إلى بَغداد. في نِهاية الحَرب، التحقَ بمدرسة سليد للفنون الجميلة في لندن بين 1946-1948، حيث تأثر بشِدة بالفنانين الغربيين أمثالبابلو بيكاسو وهنري مور. في إنجلترا، التقى جواد بالفنانة لورنا، من مواليد شيفيلد، وتزوجا في عام 1950.
خِلال فَترة توقف دِراسته، عمل في صيانة الآثار بالمتحف العراقي بين 1940-1945، وكان رئيس قسم النحت في مَعهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته في 23 كانون الثاني 1961. عرّفته دراسَتُه على تقاليد الفَن العِراقي القديمة، وسعى بوعي إلى اكتِشاف إمكانيات الجَمع بين الزخارف القديمة والفن التجريدي الحديث الذي لاحظه في أوروبا. أشارت زوجته لورنا سليم إلى أنه كان مفتونًا بمنحوتات بلاد الرافدين. قالت:
“كان يَهَدُُف لخَلق لُغة فَنية فَريدة للعِراق، مَبنية على الفن العَظيم لحضاراتِه الماضِية، سومر، بابل، آشور وبالطبع الفَن الاسلامي ولكن بلُغَة القرن العشرين.”
يُنسب إليه المُحاولة الأولى (كفنان عِراقي) للرَسم والنَحت أعتِمادًا على تُراث بَلده، وتوجيه الفَنانين المَحليين نَحو الأسلوب العِراقي المُميز.
كان لدى العراق في الثلاثينيات عددٌ قليل مِنَ المَتاحف وصالات العَرض الفنية. وبناءً على ذلك، أقيم أول مَعرض فردي لسليم في المَنزل الخاص للمهندس المِعماري العَراقي البارز محمد مكية. في عام 1944، تمت دَعوَتُه لمُساعدة عُلماء الآثار في أعمال التَرميم الضرورية. عَزَزَت هذه المواجهات مع التُراث القَديم إحساسًا قويًا بالفَخر بالتراث الفني العِراقي القَديم وأثارت تساؤلات حول العِلاقة بين «التراث» والفن «المعاصر»، تساؤلات ستشغل الفنان لبقية حياته العَملية. كان سليم من مؤسسي جماعة بَغداد للفَن الحَديث، مع زميله الفنان شاكر حسن آل سعيد ومحمد غني حكمت. مَجموعة حاولت الجَمع بينَ تقاليد الفن العِراقي القَديم والتقنيات الأوروبية الحديثة. كان شعار الجماعة هو «أستِلهامُ التُراث». استوحى سليم، إلى جانب آل سعيد وأعضاء آخرين في المَجموعة، مِن فَنون مَدرسة بغداد التي تعود إلى القرن الثالث عشر وأعمال الخطاطين والرسامين القدامى أمثال يحيى بن محمود الواسطي الذي كان نشطًا في بَغداد في ثلاثينيات القِرن الثاني عشر. كانوا يعتقدون أن الغزو المغولي عام 1258 مثلَ «كسرًا في سِلسلة الفَن العِراقي التصويري»، وأرادوا استعادة التقاليد المَفقودة. لقد أنجزت هذه المَجموعة الكثير من حيث الترويج للفن الحديث من خِلال مَنح العِراقيين شعوراً بالفخر الوطني بتراثهم الفني القديم.
لفتَ سليم انتباه الجَماهير الدولية لأول مرة في عام 1952 عِندما شارك في المُسابقة بعمل « السَجين السِياسي المَجهول»، كان واحدًا من 80 عَمل تم اختيارُه من بين 3500 مُشاركة، لكي يَتمُ عرضُها في مَعرض تيت لندن، وكان الفنان العربي الوحيد الذي تم تضمينه في المَعرض. في العام التالي قام بجولة في الولايات المتحدة وتم استقبال عمله بشكل جيد. على الرغم من أنه عمل رسامًا ونحاتًا، إلا أنَ مَخاوفه بشأن مُمارسة كليهما في وقت قَد أزعَجَتهُ. قرب نهاية الخَمسينيات منَ القرن الماضي، اتخذ قرارًا بالتركيز على النَحت حصرًا.
في عام 1959، بعد فترة وجَيزة من حِصول العِراق على استِقلاله، كلٌف الزعيم الجديد للجمهورية، العميد عبد الكريم قاسم، سليم بإنشاء نَصب تِذكاري في وَسط العاصِمة ليكونَ احتفالًا بحصول العراق عَلى استِقلاله. كان منَ المُقرر أن يَقع النَصب في قَلب مَنطقة الأعمال المَركزية في بَغداد، ويطل على ساحة التحرير وجسر الجمهورية. أدرك النحات أن النصب يجب أن يكون رمزًا لعالَم جَديد، وصمم عملاً كان سرديًا لثورة 1958، لكنه أشاد أيضًا بتاريخ الفن العراقي العَميق من خلال تَضمين النقوش الجدارية العباسية والبابلية، وإنتاج نحتًا كانَ «حديثًا بشكل لافِت للنَظر» ولكن بنَفس الوَقت يُشير إلى التُراث.
عمل سليم على المَشروع في ظل ظروف صَعبة، وقاوم كل مُحاولات قاسِم لدمج صورتَه. في البِداية، أراد سليم أن يكون النَحت على مُستوى الأرض، لكن المُهندس المِعماري رفعت الجادرجي أصرّ على رفعه بحيث يبدو أكثر «أثرًا». بالتالي، سَيواجه النَصب حَركة المرور المُزدحمة بدلاً من الأشخاص الذين يَمشون في الحَدائق المجاورة. على الرغم من أن النَصب كان من تَصميم سليم، إلا أنه لم يره حتى اكتماله؛ بعدَ وفاته المُبكرة، تم الانتهاء من المَشروع في عام 1961 من قبل صَديق سليم، النَحات محمد غني حكمت، الذي ساعَده في السابِق مِن خلال صَب التماثيل البرونزية. نجا النَصب المُكتمل، المعروف باسم نصب الحرية («نصب الحرية»)، من عِدة محاولات لهَدمه وهو أحد أشهر مَعالم العاصِمة بَغداد. يُشار لسليم باعتباره الفنان الأكثر نفوذاً في حَركة الفَن العِراقية الحَديثة، كتبَ عنه المُثقف العِراقي جبرا إبراهيم جبرا: “لا يوجَد فَنان واحِد كانَ لهُ مِثل هَذا التأثِير الكبير على الفَن فِي العِراق … تأثير فاضَ مِن حِدود العِراق إلى بَقية العالَم العربي.”
تمثال الأمومة، للنحات جواد سليم. مع زوجته لورنا سليم. معهد الفنون الجميلة. بغداد 1961.
شاب وزوجة، بريشة جواد سليم، 1953. بيعَت في مَزاد بونهامز مُقابل 336,000$
امرأتان، بريشة جواد سليم، 1951. مؤسسة بارجيل للفنون.
السيدة و ابن البستاني، بريشة جواد سليم، 1958.
بدون عنوان، بريشة جواد سليم، 1957.
القيلولة، بريشة جواد سليم، الخمسينات.
البستاني، بريشة جواد سليم، 1950.
ائعة البطيخ، بريشة جواد سليم، 1953. مَعروضة في مَزاد كريستيز مُقابل 873,454$
لميعة عباس عمارة، بريشة جواد سليم، 1949. بيعَت في مَزاد بونهامز مُقابل 230,606$.